Home > Democracy > رسالة مفتوحة الى السيد رئيس مجلس الوزراء

رسالة مفتوحة الى السيد رئيس مجلس الوزراء

 

تحياتي ..

استمع العراقيون الى حديثكم مع وزراء ورؤساء الاجهزة الامنية والاستخبارية في لقائكم بهم يوم الاحد المنصرم 15 تموز والذي بثته عدد من الفضائيات.

1-   لقد انصفتم المتظاهرين حينما رددتم ما نص عليه دستور العراق من حق المواطن العراقي في التظاهر السلمي (م/38/ثالثا) وان على الاجهزة الامنية حماية المتظاهرين ، واستطرتم في توجيهاتكم لقوات الجيش والشرطة ومكافحة الشغب في التعامل مع المتظاهرين ومحددات هذا التعامل ، ولكن للاسف الشديد كان تعامل البعض من هذه القوات مع المتظاهرين بطرق تخالف المحددات التي ذكرتموها ، حيث تم اطلاق الرصاص الحي بصورة مباشرة وبشكل عشوائي دون اللجوء الى الوسائل الاخرى المتاحة لها في مثل هذه الاحوال وهي ( خراطيم المياه ، الغاز المسيل للدموع .. الخ ) ، وهو سلوك غير اضباطي ويخالف ابسط قواعد التعامل الانساني وللاسف لم يرد في حديثكم اية اشارة لذلك.

2-   قسمتم التظاهرات الى مظاهرات سلمية ومظاهرات مدسوسة وهذا تقسيم غريب ، هذا تقسيم لا وجود له على ارض الواقع . لم يشاهد المواطن العراقي في المدن التي شهدت المظاهرات وجود لهكذا تقسيم ، فالمظاهرات واحدة انطلقت بصورة عفوية من مواطنين عانوا الامرين طيلة سنوات الحكم بعد عام 2003 وحتى اليوم من سوء وفساد في الادارة وتراجع ان لم نقل انعدام للخدمات التي تقدم للمواطنين وارتفاع مستمر في نسب الفقر والبطالة ، ولم تتخذ الحكومات المتعاقبة بما فيها حكومتكم اجراءات ملموسة للتخفيف من وطأتها على المواطن العراقي وابرزها معضلة الكهرباء التي اوصلت المواطن العراقي الى قناعة بأستحالة ايجاد علاج لها وان عليه وبشكل دائم خصوصا في فصل الصيف ان يتحمل اوزارها امام عجز السلطات من ايجاد حلول او انصاف الحلول لها.

3-   رددتم اكثر من مرة عبارة (خط احمر) والتي غدت (مودة) يرددها رجال السلطة والسياسيون في كل الامور الكبيرة وحتى الصغيرة في الاهمية والتي غدت خطا احمرا لا يجوز تجاوزه .ان استخدام هذه العبارة او المفردة (خط احمر) وتكرار الاشارة اليها افقدها المعنى المقصود بها وغدا هذا الخط الاحمر باهتا ان لم نقل بدون لون وفقد بالتالي تاثيره على السامع والمشاهد وسهل تجاوزه من قبل عدد من المسؤولين ورؤساء الكتل والعشائر قبل المواطن البسيط ، ليكن واضحا ان قتل المواطن الذي يتظاهر سلميا هو الخط الاحمر.

4-   ذكرتم ياسيادة رئيس مجلس الوزراء بأنه لايجوز الاعتداء على الجوامع والكنائس وبيوت المراجع ، هذا الكلام جاء ضمن موقف الحكومة من التظاهرات ، فهل قصدتم به الايحاء الى الشارع العراقي والانسان البسيط تحديدا بحدوث تجاوزات من قبل المتظاهرين على اماكن العبادة وبيوت المراجع الدينية وهو لم يحصل اطلاقا في جميع المدن التي شهدت تظاهرات المواطنين.
حينما يسمع المواطن البسيط غير المطلع على مجريات الاحداث كلاما من المسؤول التنفيذي الاول في الدولة يتبادر الى ذهنه ان المتظاهرين اعتدوا على هذه الاماكن . هذا الكلام ان كنتم قصدتم به المتظاهرين فانه يتضمن تشويها للحقائق واساءة بالغة للمواطنين الذين تظاهروا بصورة سلمية . المتظاهرون في محافظات الوسط والجنوب يكنون احتراما عاليا لدور العبادة وللمراجع الدينية وهذه حقيقة تعرفونها جيدا انتم وكل رجال الحكم .

5-   حديثكم مع المسؤولين الامنين تميز بروح التحيز لاجهزة الدولة على حساب المواطن العراقي الذي تظاهر مدافعا عن حقوقه والدليل على ذلك تجاهلكم للنتائج الماسوية والتي نتجت عن اطلاق الرصاص على المواطنين حيث لم نسمع منكم كلمة واحدة مطمئنة لعوائل الضحايا الذين سقطوا صرعى بالرصاص الحي الصادر عن جهات امنية مسؤولة وحمايات بعض مقرات الاحزاب التي تعرضت للاعتداء غير المقبول اطلاقا . كنا نأمل ان تشيروا في حديثكم الى تشكيل لجان للتحقيق – وان كان المواطن يائسا من نتائجها – في كيفية وهويات ما حصل والتعرف على الضحايا وهوياتهم . لم تصدر منكم كلمة مواساة لعوائل الشباب الذين سقطوا ظلما مضرجين بدمائهم من المتظاهرين وغيرهم من الناس الذين تواجدوا في اماكن التظاهرات دون ان يشاركوا فيها.
كان المفروض بكم ان تشيروا الى تشكيل هذه اللجان واعلان نتائجها وتعويض اهالي الضحايا.

6-   اشرتم اكثر من مرة الى ان مؤسسات الدولة خط احمر لا يجوز الاعتداء عليها ، وهذا الكلام هو محل اتفاق الجميع وانا بهذا الصدد كرجل قانون اود ان اوضح لكم ان الملكية العامة ليس وحدها من تتمتع بحماية القانون ، الملكية الخاصة “ياسيادة رئيس مجلس الوزراء” مصونة بموجب الدستور (المادة 23 / اولا) فالاعتداء على حق الملكية بنوعيها يعد جريمة يعاقب عليها القانون ، لذلك فان التجاوز والاعتداء على هذا الحق مرفوض في الاصل من المتظاهرين وغيرهم .

نعم نتفق معكم بأحتمالية وجود مندسين يهدفون الاساءة الى دوافع واهداف المتظاهرين ، لكن هؤلاء ان وجدوا فهم قلة وبأمكان الاجهزة المختصة التعرف عليهم ، بامكانكم ان تتعرفوا ومن خلال مصادر محايدة في المدن التي شهدت المظاهرات عن هويات الضحايا ، ففي مدينة النجف وعلى سبيل المثال الضحايا هم من الشباب ومن ابناء عوائل نجفية معروفة .

من غير المقبول اطلاقا استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين سيما وان البعض منهم ممن لم يصل الى سن الرشد من الذين اندفعوا وبدون وعي مع المتظاهرين ، أليس بأمكان القوات الامنية احتوائهم بدون اللجوء الى استخدام هذه القوة ؟؟ .. لا يجوز شرعا ولا قانونا ان نسلب الانسان حقه في الحياة ، وبهذا الصدد اذكركم بقول الشاعر الكبير الجواهري في رائعته المشهورة ..

أتعــــــــلم ام انت لا تعلـــــم                بأن جراح الضحـــــــا يا فَمُ

على حكومتكم التي قارب عمرها على الانتهاء مواساة عوائل الضحايا والاعتذار الرسمي عما حصل وتقديم من امر ونفذ اطلاق الرصاص الحي على المظاهرات السلمية الى المحاكمة العادلة وبأسرع وقت ، من غير المقبول تغليب النزعة السلطوية على حقوق الانسان .

المواطن في الداخل والعالم في الخارج يراقبون الوضع المتأزم بعين ثاقبة وبصيرة واعية لا تنطلي عليهم الادعاءات واخفاء الحقائق ..

مع التقديـــــــــــــــر

أ.د. علي كاظم الرفيعي

                                            الامين العام للتيار الاجتماعي الديمقراطي