أهوار العراق: ماذا يعني إدراجها في لائحة التراث العالمي؟
مصطفى كاظم
بي بي سي
18 يوليو/ تموز 2016
شارك
القوارب وسيلة النقل الرئيسية في الأهوارImage copyrightGETTY
Image caption
القوارب وسيلة النقل في منطقة الأهوار العراقية
تبنى المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) المنعقد في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1972 معاهدة حماية الموروث الحضاري والطبيعي التي تضمنت توصيات للتعاون الدولي في الحفاظ على المواقع ذات القيمة العالمية، باعتبارها ملكاً للأجيال المقبلة.
ويبلغ عدد البلدان الموقعة عليها حاليا 192 بلدا. وقد أدرجت في لائحة التراث العالمي مواقع متميزة من شتى أنحاء العالم، بينها مواقع عربية مهمة لحقت بها أهوار العراق يوم 17 يوليو/ تموز 2016.
ويعني إدراج أي موقع في اللائحة أنه أصبح ضمن المواقع الفريدة التي يجب الحفاظ عليها وإبعاد خطر اندثارها. ويتوقع من الجهات المسؤولة عن المناطق المدرجة توفير الظروف الملائمة للسياحة العالمية، فالإضافة الى التراث العالمي تشكل حافزا مهما في تشجيع السياح على التوجه إلى تلك المواقع من مختلف أنحاء العالم.
وتتولى منظمة اليونسكو مراقبة هذه المواقع وتنظيم زيارات لتقييم أوضاعها، وتصدر تحذيرات للجهات المسؤولة لإبعاد أي مخاطر تهددها. وفي حال عدم حصول تقدم في تصحيح الموقف يُقنع الخبراء، فمن الممكن أن يوضع الموقع في قائمة المواقع المهددة.
السياحة من القطاعات التي تستفيد من الإضافة إلى قائمة اليونسكوImage copyrightREUTERS
Image caption
السياحة من القطاعات التي تستفيد من الإضافة إلى لائحة التراث العالمي
وفي حين يعد الانضمام للائحة اعترافا بالأهمية الفريدة للمواقع المشمولة، يبرز، في الوقت ذاته، المسؤولية عن حمايتها. لكن المنظمة تنظر إلى هذه المسؤولية باعتبارها مسؤولية مشتركة تتطلب تعاونا دوليا إذ “يتعين على المجتمع الدولي ككل المشاركة الجماعية في حماية التراث الثقافي والطبيعي ذي القيمة العالمية المتميزة”، نظرا للتهديد الذي يمكن أن يتعرض له ذلك التراث.
وتقول مديرة المكتب الخاص بالعراق في المنظمة، لويس هاكسثاوزن، في تصريح بعد صدور القرار، إنه “يفتح آفاقا للتعاون الدولي من أجل حماية وإدارة مناطق الأهوار هذه”.
وتتصدر قائمة المهمات مساهمة جميع الأطراف في إحياء المنطقة والحفاظ على طبيعتها وتزويدها بالخدمات التي قد تجعل منها مناطق جذب سياحي.
Image copyrightAFP
Image caption
بيئة الأهوار ملائمة لأنواع كثيرة من الحيوانات
لماذا الأهوار؟
وصفت منظمة اليونسكو منطقة الأهوار في العراق، لدى الإعلان عن إدراجها في قائمة التراث العالمي، بأنها “ملاذ تنوع بايولوجي وموقع تاريخي لمدن حضارة ما بين النهرين”، ولا شك أن أي منطقة تتضمن هذين العنصرين: عراقة التاريخ وغنى الطبيعة لا بد أن تكون استثنائية في أهميتها لتوضع ضمن كنوز العالم التي يصبح الحفاظ عليها وإدامتها من الأولويات.
ووفق قرار المنظمة، الذي أعلن في مدينة اسطنبول التركية، دخلت إلى لائحة التراث العالمي أربعة أهوار في جنوب العراق هي: الأهوار الوسطى وهور الحمّار الغربي، وهور الحمّار الشرقي وهور الحويزة التي تتوزع بين محافظات ذي قار وميسان والبصرة.
وأضيفت للائحة أيضا ثلاثة مواقع لمدن سومرية هي: أور وأريدو في ذي قار وأوروك (الوركاء حاليا) في محافظة المثنى.
Image copyrightAFP
Image caption
سكان الأهوار يحافظون على نمط عيشهم منذ القدم
وبهذا تنضم معالم من الحضارة السومرية التي تعود إلى أكثر من خمسة آلاف عام إلى مواقع عراقية أخرى كانت قد دخلت في القائمة في السنوات الماضية وهي: مدينة الحضر في نينوى التي تعود إلى القرن الأول قبل الميلاد (سجلت عام 1985)، لكنها أصبحت تحت تهديد مباشر منذ سقوط الموصل بأيدى مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية قبل سنتين ووردت أخبار عن عمليات تدمير طالتها شأنها شأن مواقع أخرى في المنطقة، وآشور (2002) شمال بغداد، والمدينة الأثرية في سامراء (2007)، وقلعة أربيل (2014).
وكما هو معروف فإن بيئة الأهوار تشكل محميات للكثير من النباتات الطبيعية والحيوانات البرية والداجنة والطيور المقيمة والمهاجرة. وحتى سبعينيات القرن الماضي كانت الأهوار تغطي مساحة تقارب 15 ألف كيلومتر مربع حول الجزء الجنوبي من نهري دجلة والفرات، لكنها انحسرت بعد تجفيفها إلى ما يقارب العُشر من مساحتها.
فقد تعرضت لظروف استثنائية تداخلت فيها عوامل سياسية واقتصادية شتى، فضلا عن متغيرات أخرى طرأت على العراق وجواره. وإبان الحرب العراقية الإيرانية وما تلاها، طالت الإجراءات الأمنية والعسكرية بيئة المنطقة بتحويل مجرى الأنهار وإقامة موانع وسدود لحجب المياه عنها، وبالتالي تجفيفها بدعوى تسهيل العمليات وملاحقة المعارضين.
Image caption
المضيف يبنى على الطريقة السومرية من القصب
ومع ذلك، وبالرغم من التحولات التي أجبرت البعض على النزوح أو تغيير نظام المعيشة والإنتاج، ظل جزء مهم من السكان يعيش وفق نمط حياة خاص في بيوت مبنية من البردي والقصب في المنطقة التي تشكل مثلثاً تمتد أضلاعه بين محافظات الجنوب الثلاث.
وبعد 2003 جرت محاولات لإعادة الحياة إلى الأهوار بجهود السكان وجهات محلية ووكالات دولية، إلا أن ظروف الجفاف وندرة مياه الأنهار وتعقيدات السياسة عرقلت محاولات إنعاشها. ولا شك أن اعتبارها رسميا جزءا من التراث العالمي يشكل محطة مهمة في هذا الطريق.
Source: BBC